أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 10 يونيو 2022م : الدين والإنسان ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 10 يونيو 2022م : الدين والإنسان ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ: 10 ذو القعدة 1443هـ – الموافق 10 يونيو 2022م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 يونيو 2022م ، للدكتور محروس حفظي : الدين والإنسان .

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 يونيو 2022م ، للدكتور محروس حفظي : الدين والإنسان  ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 يونيو 2022م ، للدكتور محروس حفظي : الدين والإنسان  ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة: الدين والإنسان ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:

(1) إنسانيةُ الإسلامِ في تشريعاتهِ وتكاليفهِ.

(2) أهمُّ القيمِ الإنسانيةِ في الشرائعِ السماويةِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة الدين والإنسان  ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:

 

خطبة بعنوان «الدينُ والإنسانُ» بتاريخ 11 ذي القعدة 1443 ه = الموافق 10 يونيو 2022م

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أمَّا بعدُ ،،،

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة : الدين والإنسان

(1) إنسانيةُ الإسلامِ في تشريعاتهِ وتكاليفهِ:

إنَّ الإسلامَ في مجملِهِ رسالةٌ إنسانيةٌ جاءَ ليراعِي الإنسانَ فيمَا أمرَ بهِ أو نهَى عنهُ، والمستقرىءُ للقرآنِ الكريمِ، والمتدبرُ لآياتهِ، والناظرُ في موضوعاتهِ يجدهُ إمَّا حديثًا إلى الإنسانِ، أو حديثًا عن الإنسانِ، ولذا تكررتْ كلمةُ “الإنسانِ” في القرآنِ “ثلاثًا وستين مرةً”، فضلًا عن ذكرهِ بألفاظٍ أخرى مثلَ: “بني آدمَ”، التي ذُكرتْ “ستَّ مراتٍ”، وكلمةُ “الناسِ” التي تكررتْ “مائتين وأربعين مرةً” وكلمةٌ “العالمين” وردتْ أكثرَ مِن “سبعين مرَّةً”، وإذا نظرتَ في الفقهِ الإسلامِي وجدتَ أنَّ “العباداتِ”، لا تأخذُ إلَّا نحوَ الربعِ أو الثلثِ مِن مجموعهٍ، والباقِي يتعلقُ بأحوالِ الإنسانٍ مٍن أحوالٍ شخصيةٍ، ومعاملاتٍ، وجناياتٍ، وعقوباتٍ وغيرِهَا .

لقد ضربَ رسولُنَا – صلَّى اللهُ عليه وسلم- أروعَ الأمثلةِ في القيمِ والمعانِي الإنسانيةِ والخلقيةِ قبلَ البعثةِ وبعدهَا، وقد شهدَ لهُ العَدُو قبلَ القريبِ قديمًا وحديثًا، يقولُ الدكتورُ«مايكل هارث» أستاذُ الرياضياتِ والفلكِ والفيزياءِ في الجامعاتِ الأمريكيةٍ وخبيرُ هيئةِ الفضاءِ الأمريكيةِ: «لقد اخترتُ محمدًا أولَ هذه القائمةِ، ولابدَّ أنْ يندهشَ كثيرونَ لهذا الاختيارِ ومعهم حقٌّ في ذلك، ولكنَّ محمدًا هو الإنسانُ الوحيدُ في التاريخِ الذي نجحَ نجاحًا مطلقًا على المستوى الدينِي والدنيوِي» (الخالدون مائة أعظمهم محمد ص١٣) .

إنَّ رسالةَ الإسلامِ رسالةٌ عالميةٌ لم تكنْ للعربِ وحدهُم، أو محدودةً بمكانٍ، أو مقيدةً بزمانٍ، ولم يكنْ القرآنُ يومًا لقومٍ بعينِهِم قالَ ربُّنَا: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾، ولذا كانتْ أحكامُ الشارعِ تدورُ مع مصلحةِ الإنسانِ وجودًا وعدمًا، فأينمَا وُجدتْ المصلحةُ فثمَّ شرعُ اللهِ يقولُ حجةُ الإسلامِ أبو حامدٍ الغزاليُّ رحمهُ اللهُ: «إن مَقْصُود الشَّارع مِنْ الْخَلْقِ خَمْسَةٌ: وَهُوَ أَنْ يَحْفَظَ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَنَفْسَهُمْ وَعَقْلَهُمْ وَنَسْلَهُمْ وَمَالَهُمْ، فَكُلُّ مَا يَتَضَمَّنُ حِفْظَ هَذِهِ الْأُصُولِ الْخَمْسَةِ فَهُوَ مَصْلَحَةٌ، وَكُلُّ مَا يُفَوِّتُ هَذِهِ الْأُصُولَ فَهُوَ مَفْسَدَةٌ وَدَفْعُهَا مَصْلَحَةٌ» (المستصفى من علم الأصول ص 174) .

كما أنَّ المتأملَ في تكاليفِ وشعائرِ الدينِ يجدُ أنَّهُ لم يكتفِ أنْ يكونَ أفرادُ المجتمعِ ملتزمينَ بها فقط في الظاهرِ، بل لا بدَّ مِن أنْ تتحولَ إلى سلوكٍ اجتماعِيّ في معاملاتِهِم وأخلاقِهِم، فالصلاةُ مثلًا لو كانتْ تُقامُ على أصولِهَا لغيَّرتْ المجتمعَ بكلِّ مقوماتِهِ، ولشكَّلتْ يقظةً في الضميرِ الإنسانِي، ولأثَّرتْ في حياةِ الشعوبِ قالَ تعالى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾ ألم ترَوا كيف أوحى اللهُ إلى موسى وهارونَ عليهما السلامُ أنْ يأمرُوا قومَهُم بالصلاةِ لا سيَّمَا وهم في حالةِ خوفٍ وهلعٍ يقولُ تعالَى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، فالصلاةُ وسيلةُ ثباتٍ ومصدرُ رشدٍ، وإذَا أُقيمتْ كما يجبُ وتشبَّعَ بها القلبُ، وتطهَّرَ بها الضميرُ، فسيكونُ لها دورٌ فعالٌ وأثرٌ عظيمٌ خارجَ المسجدِ، بل إنَّها تحفظُ المجتمعَ مِن الزيغِ والانحرافِ في شتِّى أمورِهِ الحياتيةِ، وهكذا يقالُ في سائرِ العباداتِ كالزكاةِ والصيامِ والحجِّ … إلخ .

والناظرُ في تعاليمِ الإسلامِ يجدُ أنَّهُ احترمَ الإنسانَ مِن حيثُ إنَّه إنسانٌ، وأعطاهُ قدرَهُ، وأنزلَهُ منزلتَهُ، وجعلَ مقياسَ التفاضلِ بينَ الناسِ التقوى والعملَ الصالحَ دونَ غيرِهَا مِن المقاييسِ التي تتفاوتُ نسبيًّا بينَ البشرِ، وتختلفُ تبعًا لثقافةِ الشعوبِ والمجتمعاتِ فعَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ» (أحمد، إسناده صحيح).

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة : الدين والإنسان

(2) أهمُّ القيمِ الإنسانيةِ في الشرائعِ السماويةِ:

إنَّ جميعَ الشرائعِ السماويةِ ترتكزُ على قيمٍ أخلاقيةٍ ومُثلٍ عُليَا تكادُ تكونُ واحدةً  كالكرامةِ الإنسانيةِ، واحترامِ الحرياتِ، والعدلِ، والمساواةِ والإخاءِ، والرحمةِ والإحسانِ، والعفوِ والتسامحٍ، وكلُّ هذه القيمِ مرتبطةٌ ببعضِهَا ارتباطًا وثيقًا وينادِي بعضُهَا بعضًا، ولا ينكرُ ذلك إلّا جاهلٌ جهولٌ قالَ ربُّنَا: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾، كمَا أنَّ حاجةَ الإنسانيةِ اليومَ إلى الرسالةِ المحمديةِ حاجةٌ ملحةٌ بل أشدُّ مِن حاجتِهِم للماءِ والهواءِ والغذاءِ؛ إذْ راعتْ الإنسانَ في كلِّ أمورِ حياتهِ، ووازنتْ بينَ متطلباتِ الجسدِ والروحِ دونَ أنْ يطغَى أحدهُمَا على الآخرِ، قالَ صلَّى اللهُ عليه وسلم: «فَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا» (متفق عليه)، وصدقَ ربُّنَا حيثُ قالَ: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾، وفيمَا يلِي عرضٌ لجانبٍ مِن القيمِ الإنسانيةِ في الرسالةِ المحمديةِ:

*الإسلامُ كفلَ حريةَ العقيدةِ للجميعِ: لقد كرَّمَ الإسلامُ الإنسانَ بالعقلِ وفضلَهُ على سائرِ المخلوقاتِ قالَ تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾، ومِن مظاهرِ هذا التكريمِ أنَّهُ أعطاهُ الحريةَ الكاملةَ في اعتِناقِ دينهِ الذي يختارُه دونَ إجبارٍ أو قسرٍ قالَ عزَّ شأنُهُ: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾، ووقفَ بوجهِ الإذلالِ والإكراهِ والضغطِ بجميعِ أشكالهِ، واعتبرَ ذلك منافٍ للسننِ الكونيةِ والحكمِ الربانيةِ قالَ اللهُ: ﴿وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾، وقد أجمعَ العلماءُ على أنَّ إيمانَ المُكرَهِ لا يُعتدُّ بهِ؛ إذْ فيه سلبٌ للاختيارِ، ونفيٌ لإرادةِ الإنسانِ.

والراجحُ عندَ أهلِ العلمِ أنَّ آيةَ ﴿لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَىِّ﴾ محكمةٌ وليستْ منسوخةً كمَا يظنُّ البعضُ؛ لأنَّها خبرٌ، والأخبارُ لا نسخَ فيهِ على الإطلاقِ، وإلَّا لَزَمَ الكذبُ في كتابِ اللهِ تعالى، وعليهِ فلا يجوزُ شرعًا وعقلًا أنْ يُكرَه أيُّ إنسانٍ على الدخولِ في الإسلامِ، بل عليهِ أنْ يُدعَى بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ، ويُتركَ لهُ بعدَ ذلك حريةُ الاعتقادِ، وهذا هو عينُ ما طبقهُ عمليًّا على أرضِ الواقعِ رسولُنَا الأعظمُ صلَّى اللهُ عليه وسلم، وأصحابُهُ الكرامُ رضوانُ اللهِ عليهم، ولم يسجلْ التاريخُ الإنسانيُّ القديمُ والمعاصرُ أيَّ حالةٍ أُكرِهتْ على الدخولِ في الدينِ الإسلامِي، وهذا ما شهدَ بهِ علماءُ الغربِ على اختلافِ تخصصاتِهِم في العصرِ الحديثِ مِمَّن لم يدخلْ الإسلام، بل أَلَّفُوا كتبًا كثيرةً في هذا الشأنِ.

*الحثُّ على التعارفِ والتعاونِ، وعدمِ الفسادِ في الأرضِ، والنهيِ عن الأذىَ والعدوانِ بكلِّ أشكالهِ: إنَّ الإسلامَ دينٌ يدعُو جميعَ الناسِ إلى التعارفِ حتى يتمَّ تلاقحُ الأفكارِ والعلومِ والمعارفِ وما تحتاجُهُ البشريةُ للنهوضِ بالشعوبِ والمجتمعاتِ قالَ ربُّنَا: ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾، كما أوجبَ دينُنَا التعاونَ والتكاتفَ فيمَا بينَ بنِي البشرِ جميعًا في بابِ الخيرِ والبرِّ لا الشرِّ والإثمِ قالَ تعالى: ﴿وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ﴾، كما حرصَ دينُنَا على تجنبِ الإيذاءِ بكافةِ صورهِ وأشكالهِ سواءٌ للإنسانِ أو للحيونِ بلْ تعدَّى ذلك فشملَ الجمادَ، وقد وضعَ رسولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاعدةً عظيمةً فعن ِابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا ‌ضَرَرَ ‌وَلَا ‌ضِرَارَ» (ابن ماجه)، فالضررُ نفسهُ منتفٍ في الشرعِ، وإدخالُهُ بغيرِ حقٍّ كذلك منتفٍ، وتأملْ كيفَ ينفرُ ربُّنَا مِن رفعِ الصوتِ، وإزعاجِ الآخرينِ، فيقولُ: ﴿وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ﴾، وفي هذا تعريضٌ بأنَّ الإنسانَ حريٌّ بهِ أنْ يلتزمَ الهدوءَ، والسكينةَ والوقارَ حتى ولو كانَ في موضعِ شجارٍ أو خصومةٍ حتى لا يتصفَ بصفاتِ الحيوانِ .

كما أنَّهُ نبذَ كلَّ مظاهرِ العنفِ والتشددِ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ» (ابن ماجه، وإسناده صحيح)، ونهَى عن الإفسادِ في الأرضِ بأيِّ وسيلةٍ كانتْ، وحرَّمَ قتلَ النفسِ البشريةِ قالَ تعالى: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً﴾، فالذي يمنعُ إنسانًا مِن قتلِ نفسهِ بالانتحارِ أو غيرهِ، أو يساعدُ الآخرينَ في إنقاذِ حياتِهِم بالعلاجِ أو الغذاءِ وغيرِهَا مِن ألوانِ المساعدةِ فكأنَّهُ أحيَا الخليقةَ كلَّهَا، وفي هذا حثٌّ على احترامِ الحياةِ، وعدمِ التفريطِ فيهِا، ومنعِ الناسِ مِن سلبِهِا أو إهمالِهِا؛ إذ المحافظةُ عليهَا واجبٌ مِن الواجباتِ الدينيةِ للفردِ نحوَ الآخرِ ونحوَ المجتمعِ.

*التيسيرُ والسماحةُ في أوسعِ أبوابِهَا: تميزتْ الشريعةُ الإسلاميةُ باليسرِ والسهولةِ، وتلمسُ ذلك واضحًا جليًّا في بابَي (العباداتِ والمعاملاتِ)، ففِي الطهارةِ عندَ فقدِ الماءِ يجوزُ للمسلمِ التيممُ قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ» (البخاري)، وفي الصلاةِ يُصلِّي المسلمُ قائمًا وقاعدًا حسبَ حالهِ فعن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قال: «كانتْ بي بواسيرٌ، فسألتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلم عن الصلاةِ، فقالَ: صلِّ قائمًا، فإنْ لم تستطعْ فقاعدًا، فإنْ لم تستطعْ فعلى جنبٍ» (البخاري)، وفي الصيامِ أباحَ الفطرَ للمريضِ والمسافرِ ومَن على شاكلتِهِمَا، والزكاةُ لم تُفرضْ إِلّا على مَن ملكَ النصابَ، وحالَ عليهِ الحولُ، والحجُّ لم يفرضْهّ إلَّا على المقتدرِ بدنيًّا وماليًّا، وفي الزواجِ يَسَّرَ مهرَهُ ولم يشددْ في تكاليفهِ فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ أَعْظَمَ النِّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مَؤُونَةً» (النسائي، وسنده صحيح)، وهكذا في باقِي التكاليفِ والعباداتِ، وصدقَ اللهُ في وصفِ رسولِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيثُ قالَ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ .

إنَّ الرسالةَ المحمديةَ سهلةُ التطبيقِ، واضحةُ الفهمِ، فلم يجعلْ اللهُ – تعالى- مشقةً على عبادهِ، وأمرَهُم بالرفقِ في أمرِهِم كلِّهِ فعن أبي هريرةَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم قالَ: «إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، ولَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أحَدٌ إلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وقَارِبُوا، وأَبْشِرُوا، واسْتَعِينُوا بالغَدْوَةِ والرَّوْحَةِ وشيءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ» (البخاري)، لكن هذا كلُّهُ يحتاجُ إلى حسنِ الفهمِ، والقصدِ في العملِ.

*الوفاءُ بالعهودُ، والالتزامُ بالعقودِ: إنَّ الوفاءَ مِن القيمِ الإنسانيةِ التي يدعُو إليهَا دينُنَا؛ إذ يعززُ الثقةَ بينَ أفرادِ المجتمعِ، ويقوِّي أواصرَ التعاونِ بينهُم قالَ تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾، فما أحوجنَا إلى الوفاءِ بكافةِ صورهِ وأشكالهِ خاصةً في المعاملاتِ التجاريةِ، ولذَا رتَّبَ رسولُنَا على الاتصافِ بهِ أنْ كان ثوابُهُ الجنةَ قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنُ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ» (الحاكم وصححه ووافقه الذهبي) .

نسألُ اللهَ أنْ يجعلَ بلدًنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ يوفقَ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيه نفعُ البلادِ والعبادِ.

كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »